توفيت أم بريطانية بعد تلقيها حقنة تنحيف غير مرخصة من السوق السوداء، إثر فشلها في الحصول على العلاج عبر القنوات الرسمية، مما أثار دعوات لتشديد الرقابة على الأدوية المهربة ومحاسبة المتورطين في بيعها بصورة غير قانونية.
ناشدت أسرة مكلومة السلطات البريطانية تشديد الرقابة على الأدوية غير المرخصة، وذلك بعد وفاة أم لثلاثة أولاد إثر تلقيها حقنة لإنقاص الوزن مصدرها السوق السوداء.
توفيت كارين ماغونيغال البالغة من العمر 53 سنة خلال مايو (أيار) الماضي، بعد أيام قليلة من حقنها بجرعة من عقار "سيماغلوتايد" Semaglutide بصورة غير قانونية، وفق ما روته ابنتاها للشبكة البريطانية "آي تي في نيوز" ITV News.
وقالت الابنتان آبي وفيون ماغونيغال إن والدتهما كانت تتوق لإنقاص وزنها مهما كلفها الأمر، وكانت تعاني اضطرابات نفسية بعد انتهاء علاقة طويلة الأمد.
تحذر "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" من أن عقار "ويغوفي" المخصص لخسارة الوزن لا يصرف إلا عبر مراكز متخصصة في علاج مشكلات الوزن والحفاظ على وزن صحي بطريقة آمنة، ولا ينصح به للحوامل أو المرضعات أو لمن يكابدون حالات صحية معينة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأم، من مدينة سالفورد في منطقة مانشستر الكبرى، كانت راجعت طبيبها العام وخضعت لفحوص عدة تحدد أهليتها لتلقي حقن التنحيف من عدمها، ولكنها اكتشفت أنها غير مؤهلة للحصول على الدواء عبر "هيئة الخدمات الصحية الوطنية".
غير أن ماغونيغال علمت، بحسب ما أوردت وسائل إعلام بريطانية، من بعض أصدقائها أن الحقن متوافرة للبيع في أحد صالونات التجميل المحلية.
وأفادت "آي تي في نيوز" إنها اطلعت على رسائل نصية تبين أن صاحبة الصالون كانت تبيع الحقن مقابل 20 جنيهاً استرلينياً للحقنة الواحدة.
وروت فيون ماغونيغال للقناة البريطانية أن والدتها زارت الصالون مرات عدة لتلقي ما قيل لها إنها حقن من نوع "مونجارو" Mounjaro، علماً أن هذا العقار يستخدم لإنقاص الوزن وكعلاج لمرضى السكري من النوع الثاني.
وأضافت فيون "كانت العاملة في الصالون تتوقف عن تزيين أظفار إحدى الزبونات لتأخذ أمي إلى غرفة خلفية، ثم تحقنها بإبرة" .
"ومن دون أي تجهيز أو تعقيم، ولا تنظيف أو تحضير. كانت العاملة تعطي أمي الحقنة، ثم تدفع لها أمي المال، وتخرج في خلال ثلاث دقائق فقط"، أضافت الابنة.
في البداية، نجحت ماغونيغال في إنقاص وزنها، ولكن سرعان ما تدهورت حالتها الصحية بعد أربعة أيام من تلقيها الحقنة الأخيرة، إذ بدأت تعاني آلاماً حادة في المعدة، وتواجه صعوبة في التنفس.
فيون، التي كانت تعيش مع والدتها، اتصلت بسيارة الإسعاف، ولكن بعد يومين في قسم العناية المركزة، أبلغ الأطباء أولاد ماغونيغال بأنهم يعجزون عن إنقاذ حياتها.
وتبين لاحقاً أن ماغونيغال، كما علمت العائلة، حقنت بمادة "سيماغلوتايد" وليس المادة الفاعلة "تيرزيباتايد" tirzepatide (التي تباع تحت الاسم التجاري "مونجارو")، والأول عقار مختلف تماماً ويتطلب جرعات مغايرة [ومتداول تجارياً باسم "أوزمبيك" أو "ويغوفي"].
وعلى رغم أن العائلة ما زالت تنتظر صدور نتائج الفحوص الطبية الإضافية، أبلغت "آي تي في نيوز" بأن الحقن غير المرخصة لإنقاص الوزن كانت، في اعتقادها، السبب وراء وفاة ماغونيغال.
وقالت آبي ماغونيغال "أرى أنه يجب اتخاذ إجراءات قانونية أكثر صرامة في حق الأشخاص الذين يحقنون الناس بهذه المواد".
"كثر يفعلون ذلك، وكثر يبيعون هذه المواد، ويفلتون من العقاب في النهاية مع أنهم للأسف يدمرون حياة الآخرين"، تابعت الابنة.
وأضافت "إذا ساعدت هذه المقابلة [الإعلامية] في إنقاذ حياة إنسان واحد، أو حال دون أن يمر شخص آخر بما مررنا به، فذلك يكفينا".
ووجهت آبي تحذيراً إلى من يفكرون في اللجوء إلى ما وصفته بـ"الخيار الأرخص ثمناً"، قائلة "النتائج كارثية. إنها مفجعة حقاً، ولا تستحق المجازفة إطلاقاً".
وأفادت "آي تي في نيوز" بأن شرطة مانشستر الكبرى [في شمال غربي إنجلترا] اعتقلت شخصاً بشبهة القتل غير العمد، وآخر بتهمة تزويد الغير بمادة محظورة وخاضعة للرقابة الحكومية [بسبب إمكانية إساءة استخدامها أو تأثيرها السلبي في الصحة العامة].
وفي تصريح أدلى به إلى "آي تي في نيوز"، قال وزير الصحة البريطاني ويس ستريتينغ إن حكومة بلاده ستتخذ "الإجراءات الممكنة كافة للحد من انتشار هذه الأدوية [غير المرخصة] في السوق السوداء"، مؤكداً أن على الحكومة والناس معاً أن "يتعلما الدروس من هذه الحادثة الصادمة والمفجعة".
"يؤلمني قلبي على أسرة كارين بعد هذه الخسارة المأسوية التي ما كان ينبغي أن تقع أصلاً. نحن مصممون على ملاحقة هؤلاء المجرمين الخطرين وإخراجهم من بلادنا"، أضاف الوزير.
وتابع قائلاً "رسالتي إلى المواطنين أن حقن إنقاص الوزن ربما تكون مفيدة فعلاً في محاربة السمنة، وفي المتناول أدلة كثيرة تدعم استخدامها، ولكن لا بد من استشارة أطباء ومقدمي خدمات صحية مرخصين قبل اللجوء إليها. وإذا لاحظ أحدكم أنها تباع في السوق السوداء، عليه الإبلاغ فوراً".
تأتي هذه التصريحات بعد مداهمة السلطات البريطانية مختبراً غير قانوني في مدينة نورثهامبتون الإنجليزية كان يصنع حقن إنقاص الوزن، إذ صادرت أدوية غير مرخصة تقدر قيمتها بـ250 ألف جنيه استرليني، إضافة إلى معدات متطورة للتصنيع والتغليف، ومبلغ نقدي بقيمة 20 ألف جنيه استرليني.
وقال متحدث باسم "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية" (اختصاراً "أم أتش آر أي" MHRA) إن هذه المصادرة تمثل "أكبر عملية ضبط على الإطلاق لأدوية إنقاص الوزن المهربة تنفذها جهة لإنفاذ القانون في العالم حتى اليوم".
