أحيت المغنية اللبنانية هبة طوجي مع الفنان أسامة الرحباني حفلة غنائية وموسيقية في قلعة بعلبك بعنوان "حقبات"، وفيها قدمت المغنية مختارات من جديدها وقديمها. وشارك في الحفلة عازف الترومبيت اللبناني الفرنسي الشهير إبراهيم معلوف.  

وعد الفنان أسامة الرحباني جمهور مهرجان بعلبك قبل أشهر، بأنه سيقدم عرضاً في القلعة "لم تشهد بعلبك مثلاً له من قبل"، وعنوانه "حقبات"، ونجمته المغنية هبة طوجي. صدق أسامة وقدم العرض أمس في قلعة بعلبك، لكنّ "المفاجآت" التي تحدث أسامة عنها، والتي شاهدها الجمهور في الحفلة لم تكن من صنعه، هو الذي أعد "الصيغة" وعزف وتحدث إلى الجمهور (مطولاً).

المفاجأة الأولى كانت من صنع الفنان إميل عضيمي الذي أبدع وصمم المشهدية البصرية البديعة التي غطت معبد باخوس الذي قُدمت الحفلة فيه، وكل ما يحيط به من معابد وأعمدة أثرية وأدراج وزوايا، معتمداً تقنية "ثري دي مابينغ" ومنفذاً إياها ببراعة، حتى بدا جو العرض مرتبطاً ارتباطاً مشهدياً وبنيوياً بهذه "الهندسة" الافتراضية الفريدة، التي حوت هبة والكورس والراقصين في صيغة فنية تعبيرية. وعمد الفنان عضيمي إلى تجسيد ما سعى إليه أسامة من العنوان "محطات"، والمقصود رحلة عبر الزمن الحضاري القديم الذي تجسد القلعة أحد رموزه العريقة. لكن فكرة "المحطات" لم تنجح تماماً بل ظلت مجرد ملامح ساعد الراقصون في تجسيدها من خلال ملابسهم التاريخية (الجند الروماني مثلاً) وحركتهم المكررة والمستنفدة مسرحياً.

أما المفاجأة الثانية فهي أداء هبة نشيد "آفي ماريا" الذي كانت أدته ضمن الاحتفال الضخم الذي أقيم في باريس، في مناسبة إعادة افتتاح كاتدرائية "نوتردام"، بعد ترميمها عقب الحريق الذي وقع فيها. أطلت هبة حينذاك ضمن حفلة أقيمت على هامش الافتتاح، وشارك فيها مغنون آخرون من العالم، وبرعت هبة في أداء هذا النشيد، هي صاحبة الصوت السوبرانو. وكما نجحت في باريس، نجحت في حفلة بعلبك، في أداء هذا النشيد بصوت متين وقوي. وفي الحفلة لم تحرم هبة الجمهور من أغنية ثانية بالفرنسية عنوانها "لي سيدر"، أداها معها المغني السنغالي اللبناني الأصل "إيكار" الذي طالما أطل معها في حفلاتها الفرنسية.

images (3).jpg

أما المفاجأة الثالثة فتمثلت في مشاركة عازف الترومبيت إبراهيم معلوف، النجم الفرنسي اللبناني (زوج هبة)، المعروف عالمياً، وبدا عزفه على الترومبيت في الحفلة رائعاً وأضفى على الجو طابعاً فريداً، تبعاً لبراعته في العزف ومداه الموسيقي التعبيري.

الجديد قليل

أما في ما يخص الحفلة عموماً، فلم تحمل سوى قليل من الجديد، خصوصاً من ناحية أغنيات هبة وألحان أسامة، وما أسهم في إنجازه سابقاً الفنان الكبير و"المعلم" منصور وأبناؤه. ويمكن القول إن الجزء الأول من العرض هو الذي حمل الجديد بصوت هبة، وفيه غنت بعلبك مقلدة فيروز بإطلالتها، وشتان طبعاً ما بين الثرى والثريا، وأصلاً حاولت هبة أن تبدو كأنها فيروز في الإعلان التلفزيوني الترويجي للحفلة بإطلالتها، وهذا خطأ فادح. ولعل فكرة الشمع الذي أضيء ذكَّر كثيراً بأغنية فيروز "بعلبك أنا شمعة على دراجك"، وقال لي صديق: حتى فكرة الشمعة أخذوها من فيروز وعاصي  ومنصور.

وفي الجزء الثاني انصرفت هبة إلى أداء تشكيلة من أغانيها القديمة التي سمعها جمهورها، ومنها "لا بداية ولا نهاية" و"طني بيعرفني" وسواهما. وغنت أيضاً أغنية غسان صليبا "لمعت أبواق الثورة" التي أداها في مسرحية "صيف 840" لمنصور. وفي الختام، أدت أغنية داخل لوحة من مسرحية "دونكيشوت" للأخوة الثلاثة، تخللها رقص ودبكة.

ROCPRYHRCD.jpg

حاول أسامة الرحباني أن يصنع توليفة غنائية موسيقية مسرحية، بين التأليف والتلحين والاستعراض الراقص، فنجح حيناً ولم يوفق أحياناً، وبدا العرض عموماً أشبه بما يسمى "عرضاً تدويرياً" أو "روسيكلاج". جمع أسامة أغنية من هنا ولحناً من هناك ولوحة من هنالك، وسبكها كلها في صيغة مختلفة، علماً أن محبي هبة يعرفون أغانيها ويلمون بإطلالاتها السابقة، وكانوا فعلاً ينتظرون أغنيات جديدة، خصوصاً أن الحملة الإعلامية للحفلة كانت كبيرة. وصرح أسامة بأن مشروعه البعلبكي تطلب منه 15 عاماً من التفكير والتخطيط. واللافت أن الكوريغرافيا نفسها، لم تأت بالجديد المبتكر الذي يليق بقلعة بعلبك، فبدت مكررة، وحتى اللوحة الوحيدة الجميلة التي يبدو فيها الراقصون كأنهم يهرولون محنيي الظهور، كُررت. أما الدبكة في الختام فكانت جميلة وحماسية.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما هبة طوجي فأطلت بجمالها النضر وجهاً وقامة وملابس، وحركتها المسرحية الحية، المدروسة والعفوية،  ورقصت بفرح وحماسة، لكن صوتها لا يزال على حاله، ولم تسع إلى بلورته في أغانيها اللبنانية، على خلاف أغنياتها الفرنسية والأجنبية عموماً التي تنجح فيها كل النجاح. ولم تتمكن حتى الآن من منحه هوية شرقية على رغم أنها تصر على الغناء باللبنانية والعربية، وبالعربية تضيع مخارج الحروف لديها فلا تُفهم الكلمات جيداً. في بعض الأغاني نجح أداؤها وفق الطبقة الخفيضة، ولكن عندما يعلو صوتها فيصبح حاداً ورفيعاً ومزعجاً (حتى الصراخ)، وهذا ما يجب أن تتحاشى الوقوع فيه. المشكلة في صوتها أنه غير ممتلء أو "معبأ" كما يقول العارفون بعلم الصوت، وعليها أن تنتبه إلى هذه المشكلة وتعالجها.

ولئن كان الجمهور يتوقع أن يقدم أسامة، في مطلع الحفلة، تحية إلى الرحباني الكبير زياد، غداة رحيله الأليم الذي كان بمثابة حدث وطني وعربي، شاء أسامة ان يوجه التحية الصغيرة في وسط الحفلة، وعهد إلى هبة أن تؤدي له أغنية "بلا ولا شي"، وليته اختار لها أغنية أخرى، فهي أدتها خالية من المزاج الزيادي والطرافة بل ومن الروح الزيادية، فبدت معها عادية جداً.

غير أن هبة طوجي وأسامة الرحباني وكل الفريق الذي رافقهم، نجحوا في تقديم أمسية غنائية بصرية موسيقية راقصة، أمتعت الجمهور الذي قصد بعلبك ليستعيد ذكريات جميلة في هذه القلعة التاريخية الصامدة على مر الزمن.

هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
هبة طوجي في بعلبك... صوت غربي لم يجد هويته الشرقية
أعلن في شمرا