اعتبر مدير المركز الوطني للأرصاد الجوية عبد الكريم المحمد في تصريح خاص “للوطن ” أن سوريا تواجه مجموعة من المخاطر المناخية المتداخلة يأتي في مقدمتها الجفاف بوصفه أحد خمسة أخطار رئيسة تؤثر في المناخ والطقس، إلى جانب موجات الحر وما يرافقها من حرائق غابات، والعواصف الغبارية وتدهور الأراضي وظهور مصادر غبارية جديدة، إضافة إلى العواصف الريحية والفيضانات الخاطفة.
ولفت المحمد إلى أن معدلات ارتفاع درجات الحرارة في سوريا ولا سيما في المناطق الداخلية، تُعد من بين الأعلى عالمياً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الطاقة في الغلاف الجوي وظهور منظومات جوية غير مألوفة، تفرض تحديات جديدة على أنماط الحياة وتستدعي إعادة النظر في الاستراتيجيات المعتمدة لإدارة الموارد الطبيعية.
وأشار إلى إن منطقة شرق البحر المتوسط تُعدّ من أكثر مناطق العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، على الرغم من مساهمتها المحدودة في انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، موضحاً أن ملامح هذه التغيرات باتت أكثر وضوحاً من خلال تزايد الظواهر الجوية المتطرفة وتبدّل السلوك المناخي، بما ينعكس مباشرة على الموارد الطبيعية وحياة السكان وأنشطتهم الاقتصادية.
وحول موسم الأمطار 2024–2025 أوضح مدير الأرصاد أن الموسم المنصرم يُصنَّف من بين أكثر المواسم فقراً بالهطلات المطرية في عدد من المناطق، وإن لم يكن الأدنى على الإطلاق في السجلات المناخية، مبيناً أنه تراجعت كميات الهطل إلى ما دون 25 بالمئة من معدلاتها في المنطقة الشرقية، ودون 35 بالمئة في منطقة الجزيرة السورية التي تشكل ركيزة أساسية للإنتاج الزراعي.
وأضاف: أما في المنطقة الجنوبية، فتفاوتت النسب بشكل لافت، من نحو 60 بالمئة في درعا إلى قرابة 17 بالمئة في سرغايا ضمن منطقة الحرمون، التي تُعد مصدراً مائياً مهماً لمدينة دمشق، وفي المنطقة الوسطى لم تتجاوز الهطلات 50 بالمئة من معدلاتها وفي الشمال بقيت دون 55 بالمئة، بينما سجلت المنطقة الساحلية نسباً تراوحت بين 60 و80 بالمئة.
وبيّن المحمد أن تحدي الجفاف لا يرتبط فقط بقلة كميات الأمطار، بل يتعزز أيضاً بارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى زيادة معدلات التبخر والإجهاد الحراري للمحاصيل الزراعية، مضيفاً: تغير أنماط الهطل يسهم بدوره في تعميق المشكلة، إذ تتراجع الهطلات الشتوية المنتظمة لمصلحة أمطار حملية غزيرة قصيرة الأمد تتسبب بانجراف التربة في مقابل ازدياد فترات الانحباس المطري.
وختم مدير المركز الوطني للأرصاد الجوية بالتأكيد أن التغير المناخي أصبح حقيقة مثبتة تفرض إيقاعها على مختلف جوانب الحياة، ما يستدعي مواجهته على المستوى العالمي عبر خفض الانبعاثات الصناعية وزيادة المساحات الخضراء وعلى المستوى المحلي من خلال تبني سياسات واستراتيجيات أكثر استدامة وإدارة رشيدة للموارد وتطوير أصناف زراعية أكثر تحملاً للظروف المناخية المتغيرة واعتماد ممارسات ري أكثر كفاءة والاستفادة من التقانات الحديثة للتخفيف من حدة التحديات المقبلة.
الوطن- نيفين أحمد